استقبلت عائلة المصرية "مروة الشربيني"، "شهيدة الحجاب"، جثمانها الذى وصل مصر في تمام الثامنة من مساء اليوم الأحد بالتوقيت المحلي، وذلك وسط حالة من الحزن الشديد والغليان الشعبي بين المصريين؛ تعاطفا مع العائلة التي قتل متطرف ألماني ابنتها وأصاب زوجها بطعنات نافذة في إحدى محاكم مدينة دريسدين الألمانية الأربعاء الماضي.
وقبل نقل الجثمان أقيمت اليوم5-7-2009 صلاة الجنازة على روح الشهيدة (32 عاما) بمسجد "السلام" في العاصمة برلين، بمشاركة السفير المصري، رمزي عز الدين، وأعضاء السفارة، وأعداد غفيرة من أبناء الجاليات العربية.
ويرافق الجثمان "طارق الشربيني"، شقيق الضحية التي كانت حاملا في شهرها الثالث، وابنها "مصطفى" ذو الأعوام الأربعة، والذي شاهد الحادث.
ألم وحزن
وفي محافظة الإسكندرية (شمال)، مسقط رأس مروة، بدا المشهد في حي "جليم"، الذي تقطنه عائلتها، محملا بالألم والحزن؛ حيث توافد على منزل العائلة أصدقاء القتيلة وجيرانها غير مصدقين لما حدث.
ومن المتوقع أن تشهد الجنازة حضورا رسميا وشعبيا كبيرا؛ إذ طلب والد "مروة" من السلطات المصرية إقامة جنازة مشرفة للشهيدة التي لقيت مصرعها في سبيل الدفاع عن دينها وحجابها أمام متطرف كان ينعتها بـ"الإرهابية".
ووصف مركز سواسية المصري لحقوق الإنسان مقتل "مروة" بسبب ارتدائها الحجاب بأنه "سبة في جبين الحضارة الغربية التي تدعي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان"، وطالب المركز الحكومة الألمانية بضرورة تطبيق القانون على الجاني "دون محاباة، خاصة أنه ارتكب جريمة تخالف جميع الشرائع والأعراف والمواثيق الدولية".
حالة هيستريا
وقال "طارق"، شقيق "مروة": إن "علوي علي عكاز"، زوج شقيقته الذي يرقد منذ الحادث في مستشفى جامعة دريسدين، أفاق من الغيبوبة، التي ألمت به جراء إصابته برصاص الشرطة، فضلا عن الطعنات، ولكنه أصيب بحالة "هيستريا" (هياج) بعدما علم بمقتل زوجته.
وكشف الشقيق في اتصال هاتفي أمس مع برنامج "90 دقيقة" على قناة "المحور" المصرية الخاصة، أن زوج شقيقته أخبره بأن القضاة الثلاثة الذين كانوا على المنصة لم يحركوا ساكنا عندما كان المتطرف الألماني يطعن زوجته.
وأضاف: "حينما تدخل زوجها طعنه القاتل أيضا، وبعد مرور ما يزيد على خمس دقائق دخلت الشرطة إلى قاعة المحكمة، فما كان منها إلا أن أطلقت الرصاص على الزوج، بدلا من أن تطلقه على الجاني".
وشدد طارق على أن زوج شقيقته أكد له بما لا يدع مجالا للشك أن الشرطة كانت تقصد إطلاق النار عليه، وأن إصابته بالرصاص لم تكن أبدا عن طريق الخطأ كما زعمت الشرطة.
نزع الحجاب
السفير المصري من جهته قال: إن السفارة كلفت محاميا بمتابعة القضية، وتواصل إجراءات رفع الدعوى المدنية، وإن الادعاء الألماني طالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم، وهي السجن مدى الحياة.
ولفت رمزي عز الدين إلى أنه تلقى اتصالا هاتفيا من وزيرة العدل الألمانية، بريجيته تسيبريس، أبلغته خلاله بأسفها الشديد على هذا الحادث، وأن الوزارة ستعيد النظر في إجراءات تأمين المحاكم لمنع تكرار مثل هذا الحادث.
وكانت مروة قد سافرت قبل ست سنوات مع زوجها، المعيد في معهد الهندسة الوراثية بجامعة المنوفية في دلتا مصر، إلى ألمانيا من أجل الدراسة، بعد أن حصل على منحة من معهد "ماكس بلانك"، وكان الزوج يستعد لمناقشة رسالته لنيل درجة الدكتوراه في أوائل أغسطس المقبل.
وتعود بداية المأساة إلى نحو عام، عندما نشبت مشاجرة بين "مروة" ومواطن ألماني من أصل روسي، يدعى "أليكس" داخل إحدى الحدائق، فما كان من هذا المواطن إلا أن نزع حجابها، وسب دينها، ووصفها بالإرهابية، فرفعت مروة دعوى قضائية، وحكم القضاء لها بتغريم المتهم 750 يورو، إلا أنه استأنف الحكم.
وأثناء نظر القضية الأربعاء الماضي انهال عليها بنحو 17 طعنة في أنحاء متفرقة من جسدها، وحينما تدخل زوجها للدفاع عنها طعنه أيضا، وبعد دخول الشرطة إلى القاعة أطلقت الرصاص على الزوج ظنا منها أنه الجاني، بحسب الشرطة.