هتلر يسعي الي الاحتراف
عدد المساهمات : 89
نقاط : 77295
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 21/10/2010
| موضوع: الحضاره الاسلاميه فى العصر الاموى الجمعة نوفمبر 05, 2010 4:57 pm |
|
الحضارة الإسلامية في العصر الأموي
تعنى الحضارة عند بعض الباحثين كل نشاط إنساني في الحياة، سواء أكان فكريا يتمثل في العلوم والفنون والآداب، وما ينتج عن ذلك من نظم سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية، ومن عادات وتقاليد وأخلاق، أم كان ماديا ملموسًا، يتمثل في البناء والتشييد و العمران، كبناء المدن والقرى وتخطيطهما، والتأنق في بناء المساكن والمساجد، ودور التعليم والقلاع والحصون، كما تتمثل في العناية بالأوضاع الاقتصادية للبلاد، كبناء السدود والخزانات لتخزين المياه واستخدامها في الزراعة والصناعة، أوفي تعبيد الطرق وإقامة المصانع
وقد عرفت الحضارة الإسلامية في العصر الأموي كل هذه الأنشطة، وهي وإن اشتركت مع غيرها من الحضارة الإنسانية في بعض السمات، فإنها تتميز عنها بسمات خاصة بها؛ لأن الإسلام هو الذي أنشأها ورعاها وتمثلت فيها قيمه ومبادئه وسماحته ورحمته وآدابه. وهي كغيرها من الحضارات البشرية أخذت وأعطت وتعلَّمت من غيرها، وعلَّمت غيرها، وانفتحت علي الحضارات كلها بما فيها من ثقافات وأفكار، شعارها: الحكمة ضالة المؤمن إني وجدها فهو أحق الناس بها. ولقد قامت الحضارة الإسلامية علي دعامتين أساسيتين
الدعامة الأولي
* القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وكان تأثيرهما في نشوء الحضارة الإسلامية وارتقائها وتألقها من وجهين
- الأول: حثهما علي العلم والتعلم والتفكر في الكون وأسراره، وتسخيره لمنفعة الإنسان، وعدهما طلب العلم فريضة علي كل مسلم، ودعوتهما إلي رفع شأن العلم والعلماء، والشواهد علي ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم كثيرة، من ذلك: قول الله تعالي: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب. الزمر: من 9
و قوله تعالي: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات.المجادلة من11
و قوله تعالي في أول ما نزل من القرآن: {اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علَّمَ بالقلم العلق: 1-4،وقوله صلي الله عليه وسلم:{طلب العلم فريضة علي كل مسلم.و قوله صلي الله عليه وسلم أيضًا: {من سلك طريقًا يطلب به علمًا سهَّل الله له طريقًا إلي الجنة.رواه الحاكم
- الوجه الآخر: يتمثل في العلوم الكثيرة التي انبثقت من القرآن و السنة كالتفسير وعلوم القرآن، والفقه والأصول، والحديث وعلومه، و المغازى والسير والتاريخ، واللغة العربية وآدابها وغير ذلك
الدعامة الثانية
وهي دعامة لا يُنكَر دورها في ازدهار الحضارة الإسلامية، وتتمثل في التراث الحضاري الهائل، الذي ورثه المسلمون عن الأمم السابقة في البلاد التي فتحوها، كتراث الحضارة الإغريقية والفارسية و الهندية و المصرية القديمة. وكان من حسن الطالع أن ذلك التراث الحضاري كان موجودًا في المناطق التي شملتها الدولة الأموية، فحافظت عليه وصانته من الضياع، وهو ما يحسب للأمويين، فلولا يقظتهم وسعة أفقهم لضاع من الإنسانية كثير من هذه الكنوز الحضارية، التي أنتجها العقل البشرى في القرون السابقة لظهور الإسلام، غير أن الاستفادة الكاملة جاءت في العصر العباسي، حيث بدأت ترجمة العلوم والفنون إلي اللغة العربية، وصُحِّحت أخطاؤها، ثم أضاف إليها المسلمون من عبقريتهم الخلاقة ما شهد به علماء الغرب في العصر الحديث
الإدارة والنظم في العصر الأموي
أولا: الإدارة
اتسعت الدولة الإسلامية في العصر الأموي وامتدت حدودها شرقًا من الصين، إلي الأندلس غربًا، ومن بحر قزوين شمالا إلي المحيط الهندي جنوبًا، وأصبحت تتكون من الأقسام الإدارية الآتية
الحجاز: ويشمل مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف، وكان الوالي يقيم في المدينة
اليمن: وكانت في معظم الأحيان ولاية مستقلة، يحكمها والٍ يعين من قبل الخليفة، وأحيانًا أخرى كانت تضاف إلي والي الحجاز، فيعين عليها واليًا من قبله
العراق: وتشمل حدودها الإدارية كل ولايات الدولة الفارسية القديمة، وأقاليم ما وراء النهر والسند، وكان الأمويون في أغلب الأحيان يجعلون العراق والشرق الإسلامي كله تحت إدارة والٍ واحد، يُعيَّن من قبله ولاة علي بقية الأقاليم، وقد حدث ذلك في عهد معاوية بن أبى سفيان؛ حيث عهد إلي زياد بن أبى سفيان بولاية العراق والمشرق، وفي عهد عبد الملك بن مروان حيث ولي الحجاج بن يوسف الثقفي أمر المشرق كله
الجزيرة: وتشمل ولايات الموصل وأرمينيا،وأذربيجان
الشام: ولم يكن يعين لها والٍ؛ حيث كانت هي مقر الخلافة الأموية، وكان الخليفة يقوم بهذا الدور
مصر: وكان يتبعها شمالي إفريقيا، ثم أصبحت ولاية مستقلة تقريبًا، منذ تولاها موسى بن نصير 85ه، وعاصمتها القيروان
الأندلس: وكانت في بداية الفتح الإسلامي لها تتبع ولاية شمالي إفريقيا، ثم أصبحت ولاية مستقلة منذ خلافة عمر بن عبد العزيز
وكان الخلفاء الأمويون يعينون لكل ولاية من هذه الولايات واليًا من قبلهم، وهو بدوره يختار مساعديه وأعوانه، وكانوا يحرصون فيمن يقع عليه اختيارهم للإمارة أن يكون من المعروفين بالحزم وحسن السياسة والقدرة الإدارية، وأن يكون من الأسرة الأموية نفسها، أو من أكثر الرجال ولاءً وإخلاصًا لها. وتمتَّع هؤلاء الولاة بسلطات واسعة، مكنَّتهم من التصرف بما يرونه محققًا لمصالح الدولة والمجتمع، وكانت هذه السياسة التي اتبعها الأمويون مع ولاتهم مختلفة عن سياسة الخلفاء الراشدين؛ حيث كانت سلطات ولاتهم مقيَّدة، وحرصوا علي الفصل بين السلطات السياسية و الإدارية والعسكرية، وبين السلطات المالية والقضائية، بمعنى أنهم كانوا يعينون إلي جانب الوالي - الذي يُسمَّى والي الحرب والصلاة- واليًا لبيت المال يُسمَّى صاحب الخراج، وكان مسئولا أمام الخليفة مباشرة، حتى لا تمتد أيدي الولاة إلي أموال الدولة، كما كانوا يعينون القضاة للأقاليم بأنفسهم
أما في العصر الأموي، فكان الولاة يشرفون غالبًا علي الشئون المالية، ولاشك أن أسلوب الخلفاء الراشدين كان أسلم وأقوى حرصًا علي المال العام وإذا شئنا أن نستخدم التعبيرات العصرية في مجال الإدارة قلنا إن إدارة الخلفاء الراشدين كانت مركزية، وكان ذلك مطلوبًا في ذلك الوقت؛ حيث كانت الدولة في مرحلة البناء، وكان الخلفاء الراشدون راغبين في الاطلاع علي كل شيء بأنفسهم، علي حين كان طابع الإدارة الأموية لا مركزيا، نظرًا لاتساع الدولة، وبُعد ما بين الولايات و عاصمة الخلافة في دمشق، ولا يعنى هذا أن الولاة كانوا في العصر الأموي يفعلون ما يشاءون دون رقابة أو محاسبة من الخلفاء الذين لم يكونوا يترددون في عزل أي والٍ مهما تكن درجة قرابته منهم إذا ثبت أنه أخل بواجبات وظيفته، أولم يقم بما
هو مكلف به علي النحو الأكمل
وكانت دقة الأمويين في اختيار ولاتهم هي التي مكنتهم من حكم هذه الدولة العملاقة وإدارتها وبسط الأمن والنظام في ربوعها الممتدة الأطراف، التي ضمت شعوبًا مختلفة الأجناس واللغات والثقافات والعادات والتقاليد، ومن ثم فإن صهر هذه الشعوب في بوتقة واحدة، وإخضاعها لنظام واحد، لم يكن أمرًا سهلا، في وقت كانت فيه الخيل هي أسرع وسيلة للمواصلات. وكان نجاح الأمويين في إدارة الدولة الإسلامية بوساطة رجالهم. و معظمهم كانوا من أفذاذ الرجال- دليلا علي عبقرية إدارية، وقدرة فائقة في فن الحكم وإدارة البلاد، ومهارة في سياسة الناس، ولا يقلل من ذلك أخطاؤهم واتهامات ناقديهم
أبرز الولاة في العصر الأموي
حفل العصر الأموي بالكثير من الأسماء اللامعة التي تألقت في فن الحكم والإدارة، ومن أشهر تلك الأسماء: عمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعتبة بن أبى سفيان، ومروان بن الحكم، ومسلمة بن مخلد الأنصارى، و عقبة بن نافع، وعبد العزيز بن مروان، والمهلب بن أبى صفرة وأولاده، وزهير بن قيس البلوى، وحسان بن النعمان الغسإني، ومسلمة بن عبد الملك، وقتيبة بن مسلم الباهلي، ومحمد بن القاسم الثقفي، وموسى بن نصير، وابنه عبد العزيز، وطارق بن زياد، وقرة بن شريك، وعبد الحميد بن عبد الرحمن، والجراح بن عبد الله الحكمى، وعدى بن أرطأة، و السمح بن مالك الخولإني
كما برز عمر بن هبيرة، وبشر بن صفوان، والعباس بن الوليد، و خالد بن عبد الله القسرى، وأخوه أسد بن عبد الله، ويوسف بن عمر الثقفي، والجنيد بن عبد الرحمن، وأشرس بن عبد الله السلمى، و مروان بن محمد بن مروان، و يزيد بن عمر بن هبيرة، ونصر بن سيار
ثانيًا: النظم في العصر الأموي
كان من الطبيعي عندما قامت الدولة الأموية أن يتوسَّع الأمويون في إنشاء الأجهزة الإدارية والدواوين؛ لملاءمة تطور الحياة، واتساع مساحة الدولة الإسلامية المتزايد، وهذه الدواوين تقوم بالأعمال والاختصاصات التي تقوم بها الوزارات في الدول المعاصرة، فديوان الجند الذي أنشأه عمر بن الخطاب كان يقوم بالعمل الذي تقوم به وزارة الدفاع حاليًا، ففيه تُدون أسماء الجند وأعطياتهم -رواتبهم- ورتبهم العسكرية، وكانت الأسماء تُدون حسب القبائل، حتى تتميز كل قبيلة من غيرها، كما يقول الماوردى، فكأن كل قبيلة كانت تمثل فرقة من فرق الجيش
و إلي جانب ديوان الجند نشأ ديوان العطاء، و هو المختص بالمخصصات المالية التي كانت تدفعها الدولة للناس، وديوان الخراج وهو يشبه وزارة المالية في الوقت الحاضر، فكل موارد الدولة المالية كانت تدخل إلي هذا الديوان، مثل غنائم الفتوحات، وخراج الأرض، و الزكاة، و العشور، و هي ضرائب كانت تُؤخَذ من التجار الذين يدخلون بتجارتهم إلي البلاد الإسلامية، وهي شبيهة برسوم الجمارك في الوقت الحاضر، وكانت هذه الضريبة علي ثلاثة أنواع تبعًا لنوعية التجار، فالتجار المسلمون يؤخذ منهم ربع عشر تجارتهم، والتجار من أهل الذمة من مواطني الدولة الإسلامية يؤخذ منهم نصف العشر، أما التجار من الكفار الذين يدخلون البلاد الإسلامية بتجارتهم، فيؤخذ منهم العشر. وكانت حصيلة تلك الأموال تدخل ديوان الخراج، ويُنقَق منها علي الجند، والموظفين، والمرافق العامة للدولة، وهذا الديوان كان موجودًا من عصر الراشدين، لكنه تطور واتسع نطاق عمله باتساع الدولة في العصر الأموي. وهناك دواوين أخرى أنشأها الأمويون أنفسهم، منها
ديوان البريد: وأصل هذا الديوان في الواقع كان موجودًا منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم، فقد بعث كثيرًا من الرسائل إلي الملوك والأمراء المعاصرين له، يدعوهم إلي الإسلام، وحمل هذه الرسائل سفراء ومبعوثون من قِبله، لكن معاوية بن أبى سفيان أنشأ لهذا النوع من العمل ديوانًا خاصا، وهو الجديد في ذلك الأمر، وجعل له موظفين معينين، يقومون علي العمل به، وقام ديوان البريد بمهمتين
- الأولي: نقل الرسائل من دار الخلافة وإليها، وكان بعضها رسائل داخلية، وهي المتبادلة بين الخليفة وولاة الأقاليم وكبار الموظفين، وبعضها الآخر رسائل خارجية وهي التي يتبادلها الخليفة مع ملوك الدول الأجنبية وزعمائها
- والأخرى: مراقبة أعمال الولاة وكبار الموظفين، ومتابعة سلوكهم وأسلوبهم في إدارة ولاياتهم، وموافاة الخلافة بتقارير منتظمة؛ حتى يكون الخليفة علي علم تام بكل ما يجرى في كل الولايات. وكانت تلك المهمة جليلة الشأن، تُطْلع الخليفة علي أي خلل أو قصور في الإدارة، فيسارع إلي تدارك ذلك، ولذا اهتم الأمويون بديوان البريد اهتمامًا عظيمًا لأثره البالغ في حسن سير الإدارة ومراقبة الموظفين
ديوان الخاتم: وهو يختص بحفظ نسخة من المراسلات التي كانت تدور بين الخليفة وولاته وكبار موظفيه في الداخل، أو بينه وبين غيره من الحكام الأجانب، بعد ختمها بخاتم خاص، وهو بذلك أشبه ما يكون بإدارة الأرشيف في النظم الإدارية الحديثة، وكانت النسخة المرسَلة تُطوى و تغلق بالشمع، حتى لا يمكن فتحها والاطلاع علي محتوياتها إلا عند الضرورة، وقد أنشأ هذا الديوان معاوية بن أبى سفيان؛ لمنع التزوير والتلاعب في مراسلات الدولة. وكان ختم الرسائل بخاتم خاص معروفًا في الدولة الإسلامية منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم، فعندما عزم النبي صلي الله عليه وسلم علي إرسال رسائله إلي الملوك والأمراء المعاصرين له، لدعوتهم إلي الإسلام، قال له بعض أصحابه: إن الأعاجم-يقصد و نكسرى وقيصر- لا يقبلون رسالة إلا إذا كانت مختومة؛ فاتخذ خاتمًا من فضة لختم رسائله، نقش عليه: محمد رسول الله، واتخذ له حاملا خاصًا، سُمى حامل خاتم النبي، وكان اسمه معيقب بن أبى فاطمة الدوسى، و ظل الخلفاء الراشدون يستخدمونه في ختم رسائلهم حتى سقط من يد عثمان بن عفان -رضى الله عنه- في بئر أريس، فاتخذ خاتمًا آخر صنع علي مثاله، لكن معاوية بن أبى سفيان طور تلك البدايات طبقًا لمقتضيات العصر، واتساع رقعة الدولة، وكثرة المراسلات المتبادلة
ديوان الرسائل: و وظيفته صياغة الكتب والرسائل والعهود التي كانت تصدر عن دار الخلافة، سواء إلي الولاة والعمال في الداخل، أو إلي الدول الأجنبية، كما يتلقى الرسائل الآتية من تلك الجهات أيضًا، وعرضها علي الخليفة
وكان كُتاب ذلك الديوان يختارون بعناية، من بين المشهورين بالبلاغة و الفصاحة، والمعروفين بالتبحر في اللغة العربية وآدابها وعلوم الشريعة الإسلامية، والمتصفين بالمروءة والأخلاق الحميدة، كما يراعى أن يكونوا من أرفع الناس حسبًا ونسبًا
وقد حفل العصر الأموي بأفذاذ الكتَّاب، كان أشهرهم علي الإطلاق عبد الحميد بن يحيى، كاتب الخليفة مروان بن محمد، آخر خلفاء بنى أمية، وصاحب الرسالة المشهورة التي وجهها إلي الكُتَّاب ناصحًا ومعلمًا، وهي آية من آيات الفصاحة والبلاغة، وضمّنَها الشروط التي يجب أن توجد في من يقوم بتلك المهمة الجليلة بين يدي الخلفاء والأمراء
واختص ديوان الرسائل -إلي ما سبق- بقيامه بالعلاقات الخارجية مع الدول الأجنبية، وإشرافه علي الوفود التي كانت تأتى من الخارج، لعقد معاهدة أو تبادل منافع، وتعهدهم في بيوت الضيافة المعدة لذلك، وتعيين المرافقين لهم -حسب أهميتهم- طوال مدة إقامتهم، وإطلاعهم علي المعالم والأماكن التي تستحق الزيارة، كما كان يشرف علي الوفود التي كانت ترسلها الدولة الأموية إلي الخارج، وإعدادها الإعداد الكافي، وهذا يعنى أن ديوان الرسائل كان يقوم بما يشبه وظيفة وزارة الخارجية في الحكومات المعاصرة
ديوان العمال: ويختص بتسجيل أسماء الموظفين المدنيين في الدولة، وترتيب أعمالهم ووظائفهم، وتحديد رواتبهم، وقد سبقت الإشارة إلي أن سجلات ذلك الديوان في البصرة وحدها في ولاية عبيد الله بن زياد 55-64ه، كانت تحوى مائة وأربعين ألف موظف مدنى
تعريب دواوين الخراج: كانت كل الدواوين التي سبق الحديث عنها يجرى العمل فيها منذ نشأتها باللغة العربية، ما عدا ديوان الخراج الذي كان يستخدم لغات أجنبية، كالفارسية في بلاد فارس والعراق، واليونانية في مصر والشام. وظل هذا الوضع مستمرا حتى خلافة عبد الملك بن مروان 65- 86ه، الذي أخذ علي عاتقه تعريب دواوين الخراج؛ لأن الضرورة التي دعت إلي استخدام اللغات غير العربية فيها قد زالت، بوجود عدد كافٍ من الموظفين العرب الذين يجيدون العمل في تلك الدواوين، واستعد عبد الملك لهذا العمل استعدادًا جيِّدًا، بإعداد فريق كبير من العاملين العرب، المدربين للعمل في دواوين الخراج، المجيدين للفارسية واليونانية؛ ليتسنَّى لهم ترجمة أعمال تلك الدواوين إلي العربية، ولم يكن ذلك العمل سهلا يسيرًا، وإنما تطلَّب جهدًا وعملا دائبًا. وأول ديوان عُرِّب هو ديوان الخراج المركزي في دمشق عاصمة الخلافة الأموية وحاضرتها، وأشرف علي ذلك العمل سليمان بن سعد الخشني الذي كان يعد من أبرز الكتاب في عهد عبد الملك، وشاركه عدد كبير من الموظفين، وقد نجح سليمان في إنجاز ذلك العمل في سنة كاملة، وكافأه الخليفة علي ذلك بخراج إقليم الأردن كله لمدة عام، ممَّا يدل علي أهمية ذلك العمل واهتمام الخلافة بإنجازه في أقصر وقت. ثم تكفَّل الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق بنقل ديوان الخراج فيها، وفي بقية الأجزاء الشرقية من الدول الإسلامية إلي اللغة العربية، وعهد بتلك المهمة إلي كاتبه صالح بن عبد الرحمن، وأشرف عبد الله بن عبد الملك بن مروان والي مصر 85 - 90ه علي نقل ديوان خراجها من اليونانية إلي العربية. واستمرت عملية تعريب دواوين الخراج نحو نصف قرن من الزمان، وكان آخر ديوان خراج تم تعريبه هو ديوان خراسان، علي يد نصر بن سيار سنة 124ه، في خلافة هشام بن عبد الملك، وبذلك أصبحت اللغة العربية هي اللغة الوحيدة السائدة في كل المعاملات المالية في الدولة الإسلامية
ولم يقتصر أثر تعريب الدواوين علي النواحي المالية والإدارية، وإنما كان له أثر عظيم في انتشار الإسلام واللغة العربية في البلاد المفتوحة، لأن أبناء تلك البلاد أقبلوا علي تعلُّم العربية؛ ليبقُوا في وظائفهم في الديوان، ثم قادتهم العربية إلي معرفة الإسلام فأقبلوا علي اعتناقه
وكما قام عبد الملك بن مروان بتعريب دواوين الخراج، أقدم علي خطوة أخرى لا تقل أهمية عن تعريب الدواوين، وهي تعريب النقد المتداول في الدولة، وكانت الدولة الإسلامية إلي عهده تستخدم الدنانير البيزنطية، فقضى علي هذا وأمر بإنشاء دور لسك النقود في دمشق وغيرها من المدن الإسلامية، لسك العملات التي تحمل شعارات إسلامية، وألغى تداول العملات غير الإسلامية، وبهذا صبغ الدولة كلها، بأجهزتها ودواوينها بالصبغة العربية الإسلامية
الحاجب: وظيفة الحاجب من الوظائف المهمة في الدولة الإسلامية، وهي وثيقة الصلة بدار الخلافة، واختص صاحبها بترتيب مواعيد الخليفة، وعرض الأعمال عليه، وتنظيم دخول القادمين لمقابلته من كبار رجال الدولة والأمراء والوزراء والقادة، فهي أشبه بوظيفة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في النظم الجمهورية المعاصرة، أو وظيفة رئيس الديوان الملكي في النظم الملكية
وقد حرص خلفاء بنى أمية أن يكون حُجَّابهم من أهل بيتهم، أومن أقرب الناس إليهم من أهل الشرف والحسب والنسب، ومن ذوى الفقه والرأي، والثقافة العالية، والعلم الغزير؛ لأنهم عدُّو الحاجب وجههم الذي يطالعون به الناس، ولسانهم الذي يتحدثون به إليهم، كما حرصوا أن يكون حجَّاب ولاتهم في الأقاليم علي المستوى نفسه
القضاء في العصر الأموي
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتولى القضاء بنفسه في المدينة، ثم أذن لبعض أصحابه بالقضاء بين الناس، لما انتشر أمر الدعوة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية، وكثرت القضايا والخصومات، وكانوا يقضون علي أساس القرآن الكريم والسنة النبوية، والاجتهاد فيما لم يرد فيه نص من كتاب الله أو سنة رسوله،
ومن الصحابة الذين كانوا يتولون القضاء في حياة النبي صلي الله عليه وسلم عمر بن الخطاب وعلي بن أبى طالب،ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم. ولما بويع أبوبكر الصديق بالخلافة، وانشغل بمحاربة المرتدين وتسيير الجيوش لفتح العراق والشام، وكثرت عليه أعباء الدولة؛ خصَّ عمر بن الخطاب بالقضاء في المدينة
وفي عهد عمر بن الخطاب اتسعت الدولة اتساعًا كبيرًا، فعيَّن قضاة من قبله علي الولايات، فعيَّن كعب بن سور علي قضاء البصرة، وشريحا علي قضاء الكوفة، ومن أشهر من تولوا القضاء في عهد عمر أبو موسى الأشعرى، الذي كتب له عمر رسالة مشهورة، بين له فيها أهم الأسس والمبادئ التي ينبغي للقاضي أن يسير عليها، واستمر عثمان وعلي بن أبى طالب في تعيين القضاة من قبلهم علي الولايات
وسار الأمويون علي سنة الراشدين في تعيين القضاة علي الأقاليم، وحرصوا علي أن يكون قضاتهم من أهل الاجتهاد والورع والتقى، ولم يتدخلوا في عملهم، وخضعوا لأحكامهم مثل غيرهم من عامة الناس
وقد اتسعت دائرة عمل القضاة في العصر الأموي، نظرًا إلي اتساع مساحة الدولة، وكثرة المشاكل والمنازعات بين الناس، مما أدَّى إلي اتساع دائرة الفقه الإسلامي، لأن كثيرًا من أحكام القضاة في تلك الفترة أصبحت قواعد فقهية عند تدوين الفقه بعد ذلك، وكان بعض القضاة يسجل أحكامه في القضايا التي يفصل فيها، وأول من فعل ذلك قاضى مصر سليم التجيبى في عهد معاوية بن أبى سفيان. ومن أشهر القضاة في العصر الأموي أبوإدريس الخولإني، وعبد الرحمن بن حجيرة، وأبو بردة بن أبى موسى الأشعرى، وعبد الرحمن بن أذينة، وهشام بن هبيرة، وعامر بن شراحبيل الشعبى، وعبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبى، وكثيرون غيرهم
قضاء المظالم: استُحدث هذا النظام القضائي في العصر الأموي، وهو نوع من أنواع القضاء المستعجل، الذي يتطلب البتّ السريع في القضايا التي لا تحتمل الانتظار، ويبدو أن الذي أدَّى إلي استحداث هذا النوع من القضاء هو حدوث خصومات بين أطراف غير متكافئة، كأن يكون أحد طرفي الخصومة أميرًا أو واليًا أومن عِلْية القوم، الأمر الذي يتطلب حزمًا وشدة، لردع الخصم المتعالي
ولم يُعمَل بهذا النوع من القضاء في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولا في عصر الخلفاء الراشدين، لأن الناس كانوا في الغالب لا يتعالي أحدهم علي خصمه، علي حين تغيَّر الحال بعض التغيُّر في العصر الأموي، ولم يعد الوازع الديني كما كان في العهد النبوي وعصر الراشدين، ولم يعد القضاء العادي كافيًا للفصل في جميع المنازعات، لمجاهرة بعض الناس بالظلم والتعالي علي الخصوم، فدعت الضرورة إلي إنشاء هذا النوع المسمى بقضاء المظالم، وكان له ديوان يعرف بديوان المظالم، وكانت سلطته أعلي من سلطة القاضي
ونظرًا إلي أهمية هذا القضاء وما يتطلبه من الحزم والهيبة، فقد كان بعض خلفاء بنى أمية يتولونه بأنفسهم، وأول من جلس منهم لقضاء المظالم هو عبد الملك بن مروان. وكما كان قاضى المظالم يقضى بين الأفراد عامة، فإنه كان يقضى بين الأفراد وكبار المسئولين، الذين يحيدون عن طريق العدل والإنصاف من الولاة وعمال الخراج
الحسبة: الحسبة نظام إسلامي يقوم بالإشراف علي المرافق العامة، ومنع أي انحراف، وعقاب المذنبين، وهي وظيفة دينية شبه قضائية، عرفها التاريخ الإسلامي من بدايته. تقوم علي فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، امتثالا لقوله تعالي: {ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر آل عمران: من 104. والأصل في هذا النظام الإسلامي هو قيام الناس جميعًا بهذا الواجب الذي هو من فروض الكفاية، لكن الدولة الإسلامية لم تدع ذلك الأمر للأفراد؛ خوفًا من حدوث فتن ومشاحنات، وإنما نظَّمته، وجعلته وظيفة خاصة لها مسئول، يعاونه عدد كبير من الناس. ولا يعنى تنظيم الدولة لوظيفة الحسبة منع الأفراد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل من واجبهم القيام بهذا، بشرط أن يكون القائم به عالمًا فقيهًا، وألا يؤدى أمره بالمعروف إلي منكر، ونهيه عن المنكر إلي منكر أشد، وأن يكون عمله عن طريق النصيحة ولما لم يكن من طبيعة الناس كلهم الاستجابة إلي النصح بالتي هي أحسن، فقد نشأت وظيفة المحتسب، واشترط في شاغلها أن يكون من أهل الهيبة، ليضرب بقوة علي أيدي العابثين بأمن المجتمع في غذائه وصناعته وتجارته، وعلي من لا يراعى أصول الشريعة ومبادئها في سلوكه، ويضايق الناس بأقواله وأفعاله. ولم يقتصر عمل المحتسب علي ضبط سلوك العامة، ومراقبة أعمالهم، وإنما شمل كبار موظفي الدولة، لحملهم علي أداء عملهم علي أفضل ما يكون، ومنعهم من الفساد والتعدي علي الناس وقبول الرشوة، وغير ذلك. وبدأ نظام الحسبة مع بداية الدولة الإسلامية، مثل غيره من النظم التي سبق الحديث عن بعضها، فقد ثبت في الصحيح أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان أول من باشر عمل المحتسب بنفسه، مما يدل علي أهميته، فروى أبو هريرة -رضى الله عنه- أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مرَّ علي رجل يبيع القمح في سوق المدينة وأمامه صبرة
-كومة كبيرة - فأدخل فيها يده الشريفة، فأصابت بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال أصابته السماء يا رسول الله. فقال صلي الله عليه وسلم: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غشَّ فليس منَّا صحيح مسلم. وكان النبي صلي الله عليه وسلم يعين من الصحابة من يقوم بهذا العمل ويراقب الأسواق لمنع الغش في كل شيء، فكلَّف عمر بن الخطاب بمراقبة سوق المدينة المنورة، وعين سعيد بن العاص لمراقبة سوق مكة بعد فتحها
واستمر الخلفاء الراشدون يباشرون عمل المحتسب بأنفسهم أحيانًا،وينيبون غيرهم للقيام به في أحيان أخرى. ولما اتسعت الدولة الإسلامية في عصر بنى أمية، عجز الخلفاء عن القيام بعمل المحتسب بأنفسهم؛ لانشغالهم بمهام كثيرة سياسية وإدارية وعسكرية، وخصصوا لهذا العمل من يقوم به، وأصبح نظام الحسبة ووظيفة المحتسب من أهم النظم الإسلامية التي تعمل علي سلامة المجتمع، وتنقيته من كل المفاسد. وقد امتد عمل المحتسب إلي كل مجالات الحياة تقريبًا، وقد لخَّص ابن خلدون في مقدمته اختصاصات المحتسب فقال: ويبحث- المحتسب -عن المنكرات، ويعزِّر ويؤدب علي قدرها، ويحمل الناس علي المصالح العامة في المدينة، مثل المنع من المضايقة في الطرقات، ومنع الحمالين وأهل السفن من الإكثار في الحمل- لئلا تغرق السفينة بمن فيها- والحكم علي أهل المباني المتداعية للسقوط بهدمها، وإزالة ما يتوقَّع من ضررها علي السابلة -أي: المارة في الطريق -والضرب علي أيدي المعلمين في المكاتب وغيرها في الإبلاغ -أي المبالغة -في ضربهم للصبيان المتعلمين، ولا يتوقف حكمه علي تنازع أو استعداء، بل له النظر والحكم فيما يصل إلي علمه من ذلك، ويرفع إليه، وليس له الحكم في الدعاوى مطلقًا، بلفيما يتعلق بالغش والتدليس في المعايش وغيرها، وفي المكاييل والموازين، وله أيضًا حمل المماطلين علي الإنصاف، وأمثال ذلك مما ليس فيه سماع بيِّنة، ولا إنفاذ حكم، وكأنها أحكام ينزَّه القاضي عنها لعمومها، وسهولة أغراضها، فتدفع إلي صاحب هذه الوظيفة
ليقوم بها، فوضعها علي ذلك أن تكون خادمة لمنصب القضاء.وإذا نظرنا إلي عمل المحتسب الذي هدفه هو راحة الناس في ضوء النظم الحكومية المعاصرة نجده موزعًا بين العديد من الوزارات والهيئات، مثل وزارة التموين، والصحة، والصناعة،سjo)ك و 1ذ1 \ علي رجل للشرطة، فقيل له:أي الرجال تريد؟ قال:أريده دائم العبوس - أي جاداً في ملامحه- طويل الجلوس، سمي قال أمانة، أعجف الخيانة -أي لا يخون- فقيل له: عليك بعبد الرحمن بن عبيد التميمي، فأرسل إليه يستعمله علي الشرطة، فقال: لست أقبلها إلا أن تكفيني عيالك وولدك وحاشيتك، فقال الحجاج: يا غلام نادِ في الناس: من طلب إليه منهم حاجة فقد برئت منه الذمة. ويعلّق الشعبي راوي هذا الخبر بقوله: فو الله ما رأيت صاحب شرطة قط مثله، كان لا يحبس إلا في دين - أي: من أجل مخالفة لتعاليم الدين - وكان إذا أُتى برجل قد نقَّب علي قوم وضع منقبته في بطنه حتى تخرج من ظهره، وإذا أُتى بنبَّاش حفر له قبرًا فدفنه فيه، وإذا أُتى برجل قاتل بحديدة أوشهر سلاحًا قطع يده، وإذا أتى برجل قد أحرق علي قوم منزلهم أحرقه.. فكان ربما أقام أربعين ليلة لا يؤتى بأحد - لخوف الناس منه لشدته وهيبته - فضم إليه الحجاج شرطة البصرة مع شرطة الكوفة. وبعد هذا الحديث الموجز عن النظم والإدارة في العصر الأموي يمكن القول: إن إدارة الأمويين للدولة الإسلامية كانت إدارة حسنة بصفة عامة، تقوم علي أسس ثابتة، تبغي الصالح العام، وإشاعة الأمن والاستقرار في الدولة المترامية الأطراف، وإن شاب ذلك بعض القصور والأخطاء، وحسب الأمويين أنهم لم يكفُّوا عن تطوير أجهزة الدولة ودواوينها التي كانت موجودة قبلهم، واستحدثوا غيرها حين دعت الضرورة إلي ذلك، وأنهم بذلوا جهدًا في التدقيق في اختيار الولاة والعمال والموظفين، وأحسنوا مراقبتهم ومتابعتهم، ونجحوا في ذلك إلي حد كبير
طبقات المجتمع
من يتأمل حياة المجتمع الإسلامي في العصر الأموي يرى أنه يمكن تقسيمه إلي خمس طبقات
- الطبقة الأولي: الخلفاء وأبناؤهم وأفراد أسرتهم، وهؤلاء بحكم وضعهم أصبحوا في منزلة لا يدانيهم فيها أحد
- الطبقة الثانية: كبار الولاة والقادة وغيرهم من كتاب الدواوين
- الطبقة الثالثة: العلماء وإن اختلفت أجناسهم، وهذه الطبقة وإن كان ترتيبها المرتبة الثالثة من الناحية الاجتماعية، فإن كثيرين منها كانوا يحظون بحب الناس وتقديرهم ربما بأكثر مما يحظى به الخلفاء والأمراء
- الطبقة الرابعة: كبار الأثرياء والتجار ورؤساء العشائر
الطبقة الخامسة:عامة الناس من الزراع والحرفيين
تطور معيشة الخلفاء الأمويين ومظهرهم
لم يستطع خلفاء بنى أمية المحافظة علي نمط حياة الخلفاء الراشدين، من بساطة وزهد في المأكل والملبس والمسكن، ولم تطقه نفوسهم، حتى إن معاوية بن أبى سفيان صرَّح بعدم قدرته علي مجاراة سلوكهم، وهو مؤسس الدولة، وكاتب الوحي لرسول الله صلي الله عليه وسلم، وقال: لقد رمت نفسى علي عمل ابن أبى قحافة - أبى بكر الصديق - فلم أجدها تقوم بذلك ولا تقدر عليه، وأردتها علي عمل ابن الخطاب، فكانت أشد نفورًا وأعظم هربًا من ذلك، وحاولتها علي مثل عثمان فأبت علي، وأين مثل هؤلاء؟ ومن يقدر علي أعمالهم ؟ هيهات أن يدرك فضلهم أحد ممن بعدهم ؟ رحمة الله ورضوانه عليهم، غير إني سلكت بها طريقًا لي فيه منفعة ولكم فيه مثل ذلك، ولكل فيه مؤاكلة حسنة، ومشاربة جميلة ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة، فإن لم تجدوني خيركم، فأنا خير لكم. وعلي هذا عاش معاوية في دمشق التي اتخذها عاصمة لدولته عيشة فيها توسع في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، والحق أن معاوية كان يعيش وهو أمير علي الشام حياة نعمة وسعة إذا ما قورنت بحياة الخلفاء الراشدين، بل إن عمر بن الخطاب لم ينكر عليه مثل هذه الحياة، ولم ينهه عنها، ففي إحدى زيارات عمر إلي الشام لقيه أميرها معاوية وهو في أبهة الملك وزيِّه، فاستنكر عمر ذلك في البداية، وقال: أكسرويه يا معاوية؟، يعنى أتتشبَّه بكسرى؟، فقال معاوية: يا أمير المؤمنين إنا في ثغر تجاه العدو-يقصد الدولة البيزنطية - وبنا إلي مباهاتهم بزينة الحرب والجهاد حاجة، فسكت عمر ولم يخطِّئه لما وجد حجته قوية. وإذا كان معاوية توسَّع في معيشته وهو أمير، فليس بغريب بعد أن أصبح خليفة أن تحف به مظاهر الملك، من اتخاذ الحراس والشرطة، والحجاب، وإرخاء الستور، وسكنى القصور ذات الحدائق الغنَّاء في عاصمته دمشق التي تعد من أقدم مدن العالم، وكانت عامرة بالمباني الفاخرة والحدائق والبساتين، بل إنه اتخذ مقصورة ليصلي فيها منعزلا عن الناس بعد تعرضه لمحاولة اغتيال سنة 40ه. ونظرًا لهذه الحياة المترفة الباذخة قيل عن معاوية: إنه كان ملكًا لا خليفة، بل رُوى عنه نفسه أنه قال: أنا أول الملوك، ووصفه ابن عباس بأنه كان ملكًا، وقال عنه ابن تيمية: فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرًا من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرًا منهم في زمان معاوية، إذا نسبت أيامه إلي أيام من بعده، أمَّا إذا نسبت إلي أيام أبى بكر وعمر ظهر التفاضل، كما يروى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يؤيد أن حكم معاوية كان بداية الملك في الإسلام، فقال: إن هذا الأمر بدأ رحمة ونبوة، ثم يكون رحمة وخلافة، ثم كائن ملكًا عضوضًا. ابن كثير. وقال: الخلافة بعدى ثلاثون سنة، ثم تكون ملكًا. ابن كثير. ولا يظنن أحد أن وصف معاوية بن أبى سفيان - رضى الله عنه - بالملك فيه انتقاص من قدره؛ لأن الملك لا يُذَم لذاته، وإنما لما يحفّ به من المظالم والطغيان، أمَّا إذا قام علي الحق وبالحق فلا يُذَم، ولو كان الملك مذمومًا في ذاته ما تمنَّاه سليمان بن داود - عليهما السلام - حيث قال: رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدى. ص: من 35 والإسلام لا يهمه ما يُلقَّب به الحاكم المسلم، خليفة كان أو ملكًا، وإنما يعنيه أن يحكم بشريعة الله وسنة رسوله.إن حياة الترف التي عاش فيها خلفاء الدولة الأموية، كانت من مقتضيات التطور الاجتماعي الطبيعي في حياة الأمة، بعد أن كثرت الأموال في أيديهم كثرة هائلة من الغنائم، وكان من الطبيعي أن يؤدى ذلك إلي الميل إلي حياة الترف، ولم يكن في وسع أحد أن يوقف ذلك الميل، بل إن ابن خلدون رأي أن الترف في أول نشوء الدولة كان مطلوبًا؛ لأنه يزيدها قوة علي قوتها، وعقد لذلك فصلا في مقدمته -المعروفة- بعنوان: فصل في أن الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلي قوتها. والمتأمل لتاريخ الدولة الأموية يتفق مع ابن خلدون في هذا التعليل، لأن معاوية بن أبى سفيان ومن تلاه من أوائل خلفاء الدولة استخدموا الأموال في تأليف الناس حولهم واستكثروا من الذرية والموالي والصنائع - الأنصار والأتباع - لترسيخ قواعد الدولة حتى بلغت أوج قوتها، وفي ذلك يقول ابن طباطبا بعد أن وصف معاوية بالحلم وحسن السياسة والتدبير للملك: وكان كريمًا باذلا للمال، محبا للرياسة، شغوفًا بها، كان يفضل علي أشراف رعيته كثيرًا، فلا يزال أشراف قريش، مثل: عبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر الطيار، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبى بكر، وأبان ابن عثمان وناس من آل أبى طالب - رضى الله عنهم - يفدون عليه بدمشق، فيكرم مثواهم، ويحسن قراهم، ويقضى حوائجهم، بمثل هذه السياسة صار خليفة العالم الإسلامي وخضع له أبناء المهاجرين والأنصار، وكل من يعتقد أنه أولي منه بالخلافة. وسار يزيد بن معاوية علي خطى أبيه في الإحسان إلي الناس واستمالتهم بالأموال، وكذلك فعل مروان بن الحكم وابنه عبد الملك وأولاده تحرى بنى أمية للحق والعدل: حرص خلفاء الدولة الأموية الأوائل وأمراؤها علي الالتزام بمقررات الإسلام في جمع الأموال، والإذعان لكلمة الحق مهما يكن قائلها، فحين أراد معاوية بن أبى سفيان أن يزيد علي أهل مصر في مقدار الجزية التي فرضت عليهم عند أول الفتح الإسلامي لبلادهم، إذا بعامله علي بيت المال - وردان- يقول له: كيف تزيد عليهم يا أمير المؤمنين وفي عهدهم ألا يزاد عليهم فيذعن الخليفة لقول عامله ويكف عن الزيادة، وعندما أراد عبد العزيز بن مروان والي مصر 65 - 85ه أن يأخذ الجزية من المسلمين الجدد عارضه القاضي ابن حجيرة قائلا له: أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أول من سنَّ ذلك بمصر فتركهم. وظلت معارضة العلماء قوية لكل من تسول له نفسه الخروج علي مبادئ الإسلام حتى جاء عمر بن عبد العزيز 99 - 101ه فقضى تمامًا علي كل سلوك شاذ، وصاح صيحته الخالدة في وجوه العمال الذين كان همهم جمع المال بأي طريقة، قائلا لهم قبح الله رأيكم، فإن الله - تعالي - بعث محمدًا صلي الله عليه وسلم هاديًا ولم يبعثه جابيًا وإذا كان دخول الأموال إلي بيت المال خضع للعدل والتحري، فإن خروجه منه لم يخضع لمثل ذلك، والمصادر التاريخية التي أعطت نماذج وأمثلة كثيرة علي تحرى خلفاء بنى أمية العدل في جمع الأموال وجبايتها، هي نفسها التي تقدم أمثلة من التجاوزات التي كانت تحدث في إنفاق الأموال، سواء من الخلفاء وأبنائهم، أومن عمالهم وولاتهم، وهذا دليل علي نزاهة المصادر التاريخية وأمانتها بصفة عامة، وأن مؤلفيها لم يجاملوا الحكام، وكانت لديهم الجرأة والشجاعة لتسجيل كل مخالفة شرعية. والحق أن بعض الخلفاء الأمويين قد تجاوزوا سنة الخلفاء الراشدين في نظرتهم إلي المال العام، وكان الراشدون ينزهون أنفسهم وأولادهم تمامًا عن أموال المسلمين، ويحوطون بيت المال بالضمانات التي تحفظ الأموال وتصونها؛ حتى لا تمتد إليها يد من لا يستحق،لكن هذا الوضع تغيَّر كثيرًا في العصر الأموي، ولم يعد هناك حد فاصل بين بيت المال المركزي في دمشق وبين مال الخلفاء، فأغدقوا بالمنح والعطايا والهبات علي أبنائهم وأقربائهم وأنصارهم وشعرائهم الذين يمدحونهم ويروجون لأفكارهم وسياساتهم، وكذلك لم يعد هناك حد فاصل بين بيوت المال في الأقاليم والولايات وبين مال الولاة، الذين كانت بيوت المال تحت إشرافهم المباشر يأخذون منها ما يريدون، ويعطون من يشاءون. وقد أدَّى ذلك إلي تضخُّم ثروات الخلفاء وأبنائهم وبعض ولاتهم، حتى تولي الخلافة عمر بن عبد العزيز، الذي بدأ عهده بالعكوف علي سجلات الدولة، وتحرَّى الإقطاعات والهبات التي مُنحت لأمراء بنى أمية وأتباعهم، وأخذ في رد الأموال التي ثبت أنها أُعطيت بغير حق إلي بيت مال المسلمين، وبدأ بنفسه، وعزل الولاة الذين أفسدوا الحياة الإدارية والمالية، وعيَّن في مكانهم ولاة من أهل الخبرة والتقوى والصلاح. وقد أدَّت سياسته الإصلاحية إلي نتائج باهرة في غضون فترات زمنية قصيرة 99 - 101ه، واستقامت الأمور وتحقق العدل، وتوافر الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لكل إنسان في الدولة الإسلامية، التي امتدت حدودها شرقًا وغربًا، ولم يعد فيها من يستحق الصدقة، حتى ليروى الإمام الذهبى عن عبد الرحمن بن يزيد بن عمر بن أسيد أنه قال: والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم - الكثير - فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون، فما يبرح حتى يرجع بماله كله، قد أغنى عمر الناس. انحراف أواخر خلفاء بنى أمية عن الجادة: لم يكن خلفاء الدولة الأموية المتأخرين على درجة عالية من الكفاءة السياسية والإدارية، والسهر علي رعاية مصالح المسلمين، وتحرى العدل بصفة عامة كما كان خلفاء بنى أمية الأوائل، وإنما كانت تنقصهم الكفاية والمقدرة السياسية، إلي جانب إفراطهم في حياة الترف، وعكوفهم علي الملذات والشهو ات، وتبديد الأموال وإنفاقها في وجوه غير مشروعة، وتركهم رعاية مصالح الأمة، وإهمالهم مقاصد الشريعة، فزالت دولتهم نتيجة لهذا السلوك المعوج، وقد فطن إلي ذلك خصمهم الخليفة العباسى أبوجعفر المنصور 136 - 158ه فقال عنهم: ولم يزل بنوأمية ضابطين لما مهد لهم من السلطان، يحوطونه ويصونون ما وهب الله لهم منه، مع تسنمهم معالي الأمور، ورفضهم دنياتها، حتى أفضى الأمر إلي أبنائهم المترفين، فكانت همتهم قصد الشهوات، وركوب الملذات من معاصي الله، جهلا باستدراجه وأمنًا لمكره، مع إطراحهم صيانة الخلافة، واستخفافهم بحق الرئاسة، وضعفهم عن السياسة، فسلبهم الله العز، وألبسهم الذل، ونفي عنهم النعمة. مظاهر الحياة الاجتماعية: كان المجتمع الإسلامي في العصر الأموي مجتمعًا شابا متوقِّدًا حياة وفتوة في كل شيء؛ ثراء عريض، وقوة عسكرية واقتصادية هائلة، ونهضة علمية في بواكيرها تنبئ بازدهار حضارة عظيمة، وتخلل تلك الحياة الجادة بعض مظاهر اللهو والتسلية البريئة للترويح عن النفوس مجالس الخلفاء وآدابها: كان للخلفاء مجالس يعقدونها للمسامرة مع أقربائهم وأصدقائهم، وكان لتلك المجالس آداب وطقوس خاصة، في كيفية تعامل الناس مع الخليفة في حضرته، فيجب أن يكون كلامهم علي قدر الحاجة، وأن تكون ألفاظهم منتقاة، وكان الخلفاء يصونون مجالسهم عن الكذب والنفاق، وقلما كان يستمع الخلفاء الأمويون الأوائل إلي الغناء، وإنما كانوا يحبون سماع الشعر في مجالسهم، علي حين ترخص المتأخرين منهم في سماع الأغاني كثيرًا،وكانوا يظهرون للندماء والمغنين، ومن أشهر من فعل ذلك، وتبذَّل حتى أزرى بمنصب الخلافة في نظر الناس يزيد بن عبد الملك وابنه الوليد. الطعام والشراب: كانت حياة العرب بسيطة، وبخاصة فيما يتعلق بالطعام، ولم يتجاوز أغلب طعامهم صنفًا أو صنفين، وكان أفضل طعامهم اللحم مع الثريد، ولكن تغير الحال بعد الفتوحات الإسلامية، واتساع الدولة وكثرة الأموال، ومخالطتهم الشعوب في البلاد المفتوحة، وكانت أكثر منهم مدنية، فعرفوا ألوانًا من الطعام والشراب، واستخدموا أدوات للمائدة لم يكونوا يعرفونها من قبل، فاستخدموا الفوط والملاعق الخشبية والفخارية، التي كانت تأتيهم من الصين، وعرفوا الموائد الخشبية، وجلسوا علي كراسي خشبية حولها، وكانوا من قبل يجلسون علي الأرض ويأكلون بأيديهم. وكان من عادة الخلفاء والأمراء والأغنياء إقامة الولائم لإطعام الناس، وكان للأكل مع الخلفاء آداب خاصة، فوق الآداب العامة المعروفة للطعام، فكما يقول الجاحظ: إن الأكل لم يكن للشبع وإنما للشرف، فعلي من يؤاكلهم أن يراعى ذلك وألا يكون شرهًا في تناول الطعام
الملابس: توسع المجتمع في العصر الأموي وتأنق في الملابس والأزياء، فلبس الناس الحرير والديباج والإستبرق، وبخاصة الشباب الذين كانوا يلبسون ملابس موشاة، وكانت الملابس تختلف من فئة إلي أخرى علي قدر ثرائها ومراكزها الاجتماعية، فكانت ملابس الفقهاء تختلف عن ملابس الكتاب، وهؤلاء تختلف ملابسهم عن ملابس الجند، وكان شيوخ القبائل ومن في منزلتهم من علية القوم يرتدون الأقبية التي تصل إلي الركبتين، يعلوها جلباب فضفاض يتدلى إلي العقبين. وكانت عناية النساء بالملابس والأزياء أكثر من عناية الرجال، وتكونت ثيابهن من سروال فضفاض وقميص مشقوق عند الرقبة، وعند خروج المرأة إلي الشارع فإنها ترتدى عباءة تغطى جسمها وتلف رأسها بمنديل يربط حول الرقبة، مثل الإيشارب الذي تستعمله النساء في الوقت الحاضر. وتوسَّع النساء في استخدام الحلي والجواهر من اللآلئ واليواقيت والذهب وسائر أدوات التجميل. وإلي جانب التأنق في الملابس أحب الناس أنواع الطيب وأكثروا منها، واستخدموا الحناء، وخضَّبوا بها لحاهم وأيديهم، وفعل الخلفاء ذلك
مكانة المرأة في المجتمع: كانت للمرأة مكانة كبيرة وأثر واضح في الحياة العامة، ومن أشهر النساء: سكينة بنت الحسين بن علي بن أبى طالب، وكانت من أعلم النساء وأظرفهن، وأحسنهن أخلاقًا، وتذكر المصادر التاريخية أن الشعراء كانوا يجتمعون عندها وكان لها ذوق رفيع في نقد الشعر، ومما يذكر لها في هذا المجال أنه اجتمع عندها يومًا جرير،والفرزدق، وكثير عزة، وجميل بثينة، وأنشدوا بين يديها أشعارهم، فنقدت شعر كل منهم، ثم أجازت كل واحد بألف دينار وتقرن بسكينة في هذا المجال عائشة بنت طلحة، وكانت نابغة في الأدب والسخاء كأبيها طلحة الجواد، وقد تزوج مصعب بن الزبير حاكم العراق في خلافة أخيه عبد الله بن الزبير 67 - 72ه كلا من سكينة وعائشة بنت طلحة، بعد أن أمهر كل واحدة منهما مليون درهم. ومن ألمع النساء في ذلك العصر: أم البنين زوج الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقد اشتهرت بالفصاحة والبلاغة وقوة الحجة وبعد النظر، وكانت لها مكانة كبيرة عند زوجها الوليد وكان يستشيرها في كثير من أمور الدولة. وقد كثرت الجوارى من سبايا الحروب في البيوت، مما كان له أثره البالغ في الحياة الاجتماعية، فقد نقلوا إلي البيت العربي عادات شعوبهم وتقاليدها في الطعام والشراب والملبس. الاحتفال بالأعياد والمناسبات: عيد الفطر وعيد الأضحى من أعظم المناسبات الدينية في الإسلام، يُظهِر فيهما المسلمون السرور، ويدخلون البهجة علي أنفسهم وأسرهم وجيرانهم. كان الخلفاء يخرجون في يوم العيد للصلاة في موكب مهيب، يتقدمهم الجند، ويحيط بهم الأمراء وكبار رجال الدولة، وتتجاوب أصوات المسلمين بالتهليل والتكبير، وتقام الزينات، وتسطع المشاعل والقناديل في ليالي العيد، وكان لولاة الأقاليم مواكب تشبه مواكب الخلفاء
حفلات الزواج: تطورت حفلات الزواج في العصر الأموي لتجارى ما أصبح عليه المجتمع من ترف وثراء، بعد أن كانت في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين غاية في البساطة والبعد عن التكلف، وبالغ الناس في المهور، وقد سبق أن ذُكر أن مصعب بن الزبير أمهر كلا من زوجتيه سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة مليون درهم. وكما بالغوا في المهور بالغوا في إقامة الولائم الحافلة بأطيب أنواع الطعام، وفي يوم الزفاف يلعب الفتيان بالرماح، ويتسابقون بالخيل، وتجلس النساء علي النمارق ويتزين بالحلي والجواهر الثمينة، وتكون العروس في أبهى صورة وأجمل زينة، يحيط بها أترابها، يغنين لها حتى تذهب إلي بيت زوجها وكانت تقام - أيضًا - حفلات لختان الأطفال، يحييها المغنون وأصحاب الفكاهة، وهذا كان يحدث في بيوت الصحابة والتابعين، فيذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار أن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما - دعا بعض اللعَّابين في حفل ختان بعض أولاده، فلعبوا بألعابهم، فأعطاهم أربعمائة درهم، كما أن تلميذه عطاء بن أبى رباح استدعى اثنين من كبار المغنين وهما الغريض وابن سريج في حفل ختان ولده، وكان الناس يقيمون الموائد الفاخرة المليئة بألوان الطعام في هذه المناسبات. وسائل الترفيه والتسلية: عرفت المجتمعات الإسلامية في ذلك العصر ضروبًا مختلفة من اللهو واللعب والتسلية، وعلي رأسها الغناء الذي شغف به الناس كثيرًا، فازدهر وأصبحت له دور خاصة يقصدها الناس للسماع والمتعة. وشاع في المجتمع أن اتخذ بعض الأثرياء المترفين أناسًا يضحكونهم ويدخلون السرور علي أنفسهم، ويزيلون منها الملل، وهذا النوع من اللهو لا يوجد عادة إلا بعد أن تتحضَّر الأمة، وتسير أشواطًا كثيرة في حياة الترف، ومن ثم ظهرت طائفة من المضحكين، كان علي رأسهم أشعب بن جبير مضحك المدينة، وكان أشرافها يعجبون به ويجالسونه، ويقيم عندهم أيامًا في دورهم الموضوع الأصلي : الحضاره الاسلاميه فى العصر الاموى المصدر : منتدى ميت عزون www.meetazoon.com | |
|
هتلر يسعي الي الاحتراف
عدد المساهمات : 89
نقاط : 77295
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 21/10/2010
| موضوع: رد: الحضاره الاسلاميه فى العصر الاموى الجمعة نوفمبر 12, 2010 11:27 am |
| | |
|
ملاك الحب ولاد البلد
عدد المساهمات : 321
نقاط : 77938
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
| موضوع: رد: الحضاره الاسلاميه فى العصر الاموى الأربعاء نوفمبر 17, 2010 1:23 pm |
| | |
|
ملاك الحب ولاد البلد
عدد المساهمات : 321
نقاط : 77938
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
| موضوع: رد: الحضاره الاسلاميه فى العصر الاموى الأربعاء نوفمبر 17, 2010 1:25 pm |
| | |
|